المخدرات الموضعية
تشمل
المخدرات الموضعية مجموعة مركبات دوائية تحدث حصاراً في الناقلية العصبية
وبالتالي منع إيصال السيالة العصبية وهي ذات تأثيرات قابلة للعكس ويتم
ذلك بحقن أحد هذه المخدرات قرب أو حول جذور الأعصاب أو حول نهايات الأعصاب
بهدف :
- إبطال الحس بكافة أنواعه موضعياً Locally أو ناحيوياً Regionally .
- منع الاستجابة للتنبيهات .
- إحداث ارتخاء عضلي موضعي وانعدام المنعكسات .
وتتميز عن المخدرات العامة بأن المريض يبقى يقظاً ومحافظاً على وعيه .
--------------------------------------------------------------------------------
البناء الكيميائي والتصنيف Classification:
تصنف المخدرات الموضعية إلى الفئات التالية :
1- استرات بارا أمينو بنزوئيك أسيد PABA Esters :
ويمثلها البروكائين Procaine = Novocaine = Scurucaine والبوتيثامين Butethamine ( تجارياً Monocaine ® ) .
2- استرات حمض البنزوئيك Benzoic Acid Esters :
ويمثلها الكوكائين Cocaine ويستخلص من أوراق الكوكا والأميثوكائين Amethocaine والبنزوكائين Benzocaine .
3- استرات ميتا أمينو بنزوئيك أسيد : ويمثلها سيكلوميثي كائين Syclomethycaine .
4- استرات أميدية : ويمثلها سينكوكائين Sinchocaine وليدوكائين Lidocaine .
5- مشتقات إيثيرية : ويمثلها براموكسين Pramoxine .
6- مشتقات كيتونية : ويمثلها ديكلو نين Dyclonine .
7- مشتقات الفينيثيدين : ويمثلها الفيناكائين Phenacaine أو الهولوكائين تجارياً Halocaine ® .
يتمثل البناء الكيميائي للمخدرات الموضعية بمركب البروكائين ، الذي يتألف من ثلاثة أجزاء :
حلقة فينولية عطرية محبة للدسم ( ترتبط بجذر NH2- ) .
سلسلة جانبية تحوي مجموعة من الجذور الكيتونية والإيثيرية
جزء أميني محب للماء يحوي النتروجين ..
ومثال آخر مركب تتراكائين Tetracaine الذي له الصيغة التالية :
وكمثال آخر نذكر مركب الليدوكائين Lidocaine :
--------------------------------------------------------------------------------
علاقة البناء الكيميائي للمخدرات الموضعية مع PH الوسط :
تعتمد فعالية
المخدرات الموضعية على التوازن بين درجة حموضة أو قلونة المخدرات الموضعية
من جهة وبين درجة PH الوسط الذي توضع فيه من جهة أخرى .
وتتميز المخدرات الموضعية بشكل عام بطبيعة قلوية حيث تتراوحدرجة Pkb لها بين 8-9
( فمثلاً تبلغ درجة Pkb لليدوكائين 8 وللبروكائين 8.9 ) .
وهذه المخدرات في
الأوساط القلوية ( كما هو الحال في وسط الأعصاب PH= 7.4 ) يكون عدد
الجزيئات غير المتشاردة منها كبيراً نسبياً وبالتالي تتمكن من النفوذ عبر
الغلاف الخلوي للعصبونات وإحداث فعل التخدير .
تحضر المخدرات
الموضعية بشكل أملاح قابلة للانحلال بالماء وذلك بمفاعلتها مع الحموض مثل
حمض كلور الماء فتتشكل أملاح هيدروكلورايد حيث أن الشكل الصرف غير قابل
للانحلال بالماء وبالتالي لا يمكن استخدامه للحقن .
وعندما يحقن المخدر الموضعي فإنه يخضع لعملية تشارد ويكون في هذه الحالة مكوناً من جزأين :
جزء متشارد : غير قابل للنفوذ عبر الغلاف الخلوي للعصبونات هو الجزء الأميني المحب للماء في بنية المخدر الموضعي .
جزء غير متشارد : قابل للنفوذ عبر الغلاف الخلوي للعصبونات هو الحلقة العطرية المحبة للدسم في بنية المخدر الموضعي .
ويتم ذلك وفق المعادلات التالية :
حيث أن : R-NHCl = BH-Cl أي يعبر عن صيغة المخدر الموضعي .
B تعبر عن الجزء غير المتشارد .
[BH] تعبر عن الجزء المتشارد .
وكلما ازدادت
النسبة Q بين الجزء الأميني غير المتشاردB.L ( الحرف L من Lipid أي قابل
للانحلال بالدسم ) والجزء الأميني المتشارد BH]+.Aq ] (ِAq من Aqueous أي
قابلة للانحلال بالماء ) كان عدد الجزيئات غير المتشاردة كبيراً وبالتالي
تكون قدرتها على عبور الغلاف البلازمي كبيرة وقدرتها على إحداث التخدير
كبيرة.
--------------------------------------------------------------------------------
آليات تأثير المخدرات الموضعية :
أمكن وضع 4 نظريات لتفسير آلية تأثير المخدرات الموضعية وهي :
نظرية ثبات الغلاف الخلوي
نظرية إغلاق قنوات الصوديوم ( نظرية ريتشي )
نظرية الارتباط مع المستقبلات الخلوية .
نظرية ناتش مانسون .
--------------------------------------------------------------------------------
I- نظرية ثبات الغلاف الخلوي Membrane Stabilization :
وتعلل هذه
النظرية الآلية بأن المخدرات الموضعية تحدث حصاراً يمنع انتقال السيالة
العصبية على مسير العصبونات وذلك من خلال تثبيت الغلاف الخلوي أو البلازمي
وإعاقة النفوذية لشوارد الصوديوم والبوتاسيوم
--------------------------------------------------------------------------------
II- نظرية إغلاق قنوات الصوديوم :
تمكن الباحث
ريتشي عام 1975 من وضع نظرية مفادها أن آلية المخدرات الموضعية تكون
بإغلاق قنوات الصوديوم السريع الموجودة على مسير الغلاف العصبوني وهذه
القنوات لها بوابتان خارجية وداخلية .
وتعلل آلية
التأثير بأن الجزء المتشرد من المخدر الموضعي يقوم بإغلاق البوابة
الخارجية في حين أن الجزء غير المتشارد ( وهو قابل للانحلال في الدسم )
يستطيع اجتياز الغلاف الخلوي للعصبون ويصل إلى البوابة الداخلية ويقوم
بإغلاقها .
--------------------------------------------------------------------------------
III- نظرية الارتباط مع المستقبلات الخلوية الخاصة بالمخدرات الموضعية :
تفسر هذه النظرية آلية عمل المخدرات الموضعية بارتباطها مع مستقبلات خاصة بواسطة الارتباطات الثلاثة التالية :
1- يرتبط عنصر النتروجين ذو الشحنة الموجبة مع القطب السلبي من المستقبل بواسطة قوى كهربائية ساكنة تسمى Electrostatic .
2- ترتبط الجذور
المثيلية والاتيلية والفنيلية والزمرة الأمينية في السلسلة الجانبية
المرتبطة مع جذر الآزوت بواسطة قوى فاندرفالس وهي قوى كهربائية ضعيفة
تتواجد في حال ارتباط الدواء مع المستقبل بثلاث نقاط .
3- أما نقطة
الارتباط الثالثة من المستقبل فترتبط مع جذر الكيتون ( الكربون يأخذ فيه
شحنة موجبة والأوكسجين يأخذ شحنة سالبة ) بواسطة قوى شاردية ثنائية القطب
Dipole Ionic Forces وتبين الدراسات أنه كلما ازداد عدد الإلكترونات حول
جذر الكيتون كلما ازدادت قوة ارتباط المخدر الموضعي مع المستقبل .
--------------------------------------------------------------------------------
IV- نظرية ناتش مانسون Natch Manson :
وهي أضعف
النظريات وأقلها قبولاً ، وهي تعلل آلية عمل المخدرات الموضعية بأنها تعمل
على تثبيط انتقال وتحرر الأستيل كولين بسبب التشابه بين البناء العام
للمخدرات الموضعية وبين الأستيل كولين لكنها غير مقبولة لأن العديد من
المخدرات الموضعية لا تشبه على الإطلاق في بنائها بناء الأستيل كولين فلا
تتمكن من منع انتقاله أي لا تتمكن من القيام بالآلية المفترضة .
--------------------------------------------------------------------------------
علاقة بعض المركبات السامة بالمخدرات الموضعية وآلية تأثيرها :
تعلل آلية تأثير
المخدرات الموضعية وفقاً للنظرية الأكثر قبولاً بأنها تعمل على إغلاق
قنوات الصوديوم ببوابتيها الخارجية والداخلية حيث يقوم الجزء المتشارد
بإغلاق البوابة الخارجية في حين يقوم الجزء غير المتشارد بإغلاق البوابة
الداخلية .
توجد بعض المركبات السامة تتمكن من إغلاق قنوات الصوديوم من فوهتها الخارجية فقط نذكر منها مركبين اثنين :
تترادوتوكسين Tetradotoxine .
ساكسي توكسين Saxitoxine .
تتميز هذه المركبات السامة بشكل عام بأنها قليلة الانحلال في الدسم وبالتالي فهي لا تتمكن من اجتياز B.B.B .
وتعلل آلية تأثير
هذه المركبات بأنها تقوم على إحداث شلل في العضلات وحصار في الناقلية
العصبية للأعصاب المحيطية بإغلاق البوابة الخارجية فقط لقنوات الصوديوم .
--------------------------------------------------------------------------------
1- تترادوتوكسين Tetradotoxine :
يتواجد هذا
المركب في مبايض وكبد بعض الأسماك السامة المنتشرة في اليابان التي تعرف
باسم سمك الفيوغو Fugo Fish باليابانية أو السمك الموقّى Buffered Fish .
وفي حال تناول
كبد أو مبايض هذا النوع من السمك يحدث التسمم بالتترادوتوكسين ( يمكن أن
نذكر هنا أن هذه الأسماك لها وظيفة دفاعية ذاتية وهي أنها عندما تشعر
بالخطر فإنها تغير شكلها الخارجي إلى كرة شوكية Spiny Ball وبالتالي تحمي
نفسها من الحيوانات المفترسة الأخرى لذلك يجب على الطهاة عندما يقدمون هذا
النوع من السمك أن يعملوا على إزالة المبايض والكبد منه قبل تقديمه إلى
الزبائن خشية حدوث التسمم بالتترادوتوكسين الذي قد يودي بحياة الشخص )
--------------------------------------------------------------------------------
2- ساكسي توكسين Saxitoxine :
يتواجد هذا
المركب في بعض الأشنيات البحرية السوطية ذات اللون الأحمر ( حتى أنها تعرف
بالمد الأحمر (Red Tide واسمها اللاتيني Saxidomus dinoflagelates algea
والتي يتغذى عليها بعض أنواع المحار البحري ( عبارة عن حيوان رخو محاط
بقوقعة صدفية وهو غني بالبروتينات ) .
تناول هذا النوع
من المحار قد يسبب التحسس أو قد يحدث التسمم في حال تغذيه على هذا النوع
من الأشنيات وقد حدثت عام 1927 حالات تسمم توفي فيها 102 شخصاً في مدينة
سان فرانسيسكو نتيجة تناولهم هذا النوع من المحار .
التأثيرات السمية للتترادوتوكسين والساكسي توكسين :
تتميز هذه المواد
بأنها تحدث شللاً في العضلات الهيكلية والتنفسية وحصاراً في الناقلية
العصبية بآلية إغلاق الفوهة الخارجية لقنوات الصوديوم ، كما أنها تحدث
شللاً في الأعصاب المغذية للأوعية الدموية مما يؤدي إلى ارتخاء العضلات
الملساء في جدرها الأمر الذي يحدث توسعاً وعائياً يؤدي بالتالي إلى هبوط
في الضغط وقد تنتهي الحالات الشديدة منها بالوفاة .
معالجة التسمم بالتترادوتوكسين أو الساكسي توكسين :
إذا تم تناول هذه المركبات عن طريق الفم نجري عملية غسيل المعدة مع توافر شرطي الغسيل .
إعطاء منبهات البصلة السيسائية مثل البيكروتوكسين – أمي فينازول – لوبيلين – نيكيتاميد.
ملاحظة : لا يوجد دواء ضاد نوعي لهذه المركبات لذلك تعتبر مواد سامة وخطرة جداً .
آلية التأثير الدقيقة لهذه المركبات :
تبين الدراسات
التي قام بها الباحث ريتشي أن عدد قنوات الصوديوم في العصب المبهم عند
الأرنب هو حوالي 30 قناة في كل 1 ميكرومتر مربع وأقل من ذلك في أعصاب
السمك حوالي 20-25 قناة في كل 1 ميكرومتر مربع من مساحة الغلاف العصبوني .
وبدراسة أدق تمكن أيضاً من تبيان قطر الفوهة الخارجية لقنوات الصوديوم والذي يتراوح بين 0.3 – 0.5 نانومتراً .
تبين الدراسات أن
هذه المركبات تحتوي على جذور الغوانيدين والتي يمكن لها أن تنسل وتنزلق
عبر الفوهة الخارجية لقنوات الصوديوم وتتثبت على مستقبلات خاصة بها في
الفوهة المبطنة لقنوات الصوديوم وتتشكل من أربع إلى خمس روابط هيدروجينية
بين ذرات الهيدروجين الداخلة في بناء المواد السامة وبين ذرات الأوكسجين
الداخلة في بناء قنوات الصوديوم ( والموجودة على وجه الدقة على الحلقة
الداخلية لقنوات الصوديوم ) .
تشكل هذه الروابط يؤدي إلى إغلاق قنوات الصوديوم وحدوث حصار تام لانتقال السيالة العصبية وبالتالي حدوث شلل عصبي تام .
--------------------------------------------------------------------------------
التأثيرات الدوائية للمخدرات الموضعية :
يتم حقن المخدرات
الموضعية قرب الأعصاب أو قرب نهايتها أو قرب الجذوع العصبية وتبدي
تأثيراً حاصراً لكافة الألياف العصبية الحسية والحركية والذاتية ؛ ويترافق
ذلك بانعدام المنعكسات وارتخاء العضلات في مكان الحقن .وأول ما يتأثر من
هذه الألياف العصبية هو الألياف الصغيرة غير المغمدة بالنخاعين ثم يليها
الأعصاب غير المغمدة الأكبر قطراً ثم الأعصاب المغمدة بالنخاعين كبيرة
القطر آخراً .
وبالتالي فإن :
أول ما يزول من أنواع الحس هو حس الألم ( وهو الهدف من استخدام المخدرات
الموضعية ) والذي ينتقل بالألياف العصبية من نوع ( Ad + C ) ، يليه بعد
ذلك زوال حس الحرارة والبرودة والذي تنقله الألياف العصبية من النوع ( Ad )
، يليه زوال حس اللمس والضغط والذي تنقله الألياف العصبية من النوع A?
وأخيراً يزول الحس العميق والحس الذاتي والحركة المنقولة بالألياف Ad
والتي تتميز بأنها ثخينة ومغمدة بالنخاعين .
تشير الدراسات
الدوائية إلى أن نقل السيالة العصبية على مسير الألياف العصبية المغمدة
يتم بنوع من آلية النقل العصبية يعرف باسم النقل الوثبي أو القافز .
ويعلل ذلك بوجود
عقد على مسير هذه الألياف تعرف بعقد رانفير وهي مناطق مجردة من غمد
النخاعين، والتنبيه العصبي ينتقل من عقدة إلى أخرى بشكل وثبي أو قافز .
تحدث المخدرات
الموضعية حصاراً للناقلية لكافة أنواع الحس ويترافق ذلك بانعدام المنعكسات
وارتخاء العضلات الهيكلية في مكان الحقن وبعد قيام المخدرات بإبطال حس
الألم تحدث استعادة النشاط العصبي وعودة الحس وتسلك طريق زوال الحس نفسه
حيث يعود حس الألم أولاً ثم حس الحرارة والبرودة ثم يعود الحس بكل أنواعه
إلى الأعصاب الصغيرة المغمدة بغمد النخاعين وأخيراً يعود للأعصاب الكبيرة
المغمدة بالنخاعين