التفاصيل الكاملة للعبة Grand Theft Auto V

سبق لشركة "روكستار" التصريح بان عنوان العالم المفتوح GTA V سيكون الأضخم والأكثر طموحا في تاريخها، وبعد أن سنحت لنا فرصة مشاهدة النسخة التجريبية من العنوان، تأكدنا من أن حجم البيئة الافتراضية للعبة أضخم بثلاث مرات ونصف من Red Dead Redemption، في الواقع، أنها اضخم من Red Dead Redemption, GTA IV وGTA San Andreas مجتمعين سويا، ولكن هذا ليس كل شيء بعد، فمتعة اللعبة وإثارتها لا تكمن في حجم بيئتها الافتراضية فقط.

عملية تطوير GTA V شهدت تحدي جديد من نوعه لاستديو التطوير Rockstar North، فبدلاً من تركيز الجهود على شخصية رئيسية واحدة، سيتمكن اللاعبون من التطرق لثلاث شخصيات مختلفة، وهو الأمر الذي تطلب المزيد من الجهد والعمل لتوفير التجربة الأمثل لكافة المستخدمين، ورغم كل هذا، لا تتوقف متعة GTA V عند الشخصيات المتعددة ايضا.

GTA V تمتلك مهمات أكثر من أي لعبة أخرى في مسار السلسلة، هناك العديد من الألعاب المصغرة التي لم يسبق للاعبين رؤيتها بهذا الكم من قبل، هناك انشطة جانبية لا تعد ولا تحصى، هناك الكثير من اللحظات المدهشة التي لن تنساها، مثل القفز من أعالي الجبال، وسرقة ماكينات الصرافة الألية، وقضاء بعض الوقت في لعب الغولف أو التنس أو ممارسة رياضة اليوغا.. كل هذا وأكثر بكثير ستجدونه فقط في GTA V.


وهنا يتوجب علينا العودة لأول سطر في المقالة مرة أخرى، فعندما صرحت "روكستار" بان لعبة GTA V ستكون العنوان الأضخم الذي يتم تقديمه للاعبين، لم تقصد الشركة أمر محدد من هذا التصريح، بل أرادت التلميح الى أن اللعبة ستكون هائلة الحجم، ضخمة المحتوى، تمتلك طموح لا حدود له.

كما هي العادة في كافة اجزاء GTA، تبدأ النسخة التجريبية من لعبة GTA V بمنظر عام يستعرض البيئة الشاسعة، جنب الى جنب مع التفاصيل الجانبية التي ستثير اعجاب المستخدمين من الوهلة الأولى، هنا سنرى "فرانكلين" يتواجد داخل طائرة هليكوبتر على ارتفاع الاف الأمتار من مدينة "لوس سانتوس" التي يحيطها الريف من كافة جوانبها، بينما تنتشر مجموعة من الاشجار الممزوجة بالتلال على اليمين بجوار قاعدة عسكرية تطل على البحر، في حين تستعد طائرة شحن للإقلاع من المطار والاختفاء وسط الضباب، كل هذا يقع في مدينة "لوس سانتوس" ذو الحجم الشاسع، "لوس سانتوس" اكثر من مجرد بيئة افتراضية ضخمة، انها مدينة متكاملة مفعمة بالحياة في كافة انشطتها.

يقفز "فرانكلين" من الطائرة ويظل لثواني معدودة يستمتع بالهواء الطلق قبل أن يقوم بإخراج مظلته والهبوط بسلام في مقاطعة "بلين" حيث يجد مجموعة من الغزلان في انتظاره، بينما ينعم زوج من المتنزهين بوقتهم في مشاهدة الأشجار الممتدة على طول الطريق، على الجهة الأخرى، يوجد مجموعة من الصيادين يحاولان الحصول على قوت يومهم بينما تنتظرهم ثلاث شاحنات خارج حدود الشاطئ.

كان من الطبيعي أن أتذكر على الفور شكل البيئة الريفية في لعبة Red Dead Redemption بعد مشاهدة مقاطعة "بلين" التي امتازت بالدقة والوضوح التام، ربما هي محدودة الموارد والسكان مقارنة بالمدن، ولكنها تتفوق في الاهتمام بكافة التفاصيل، ووجود الكثير من الأنشطة وعلامات الحياة في كل مكان تنظر اليه.


وبالرغم من أننا لم نستمتع بصحبة "فرانكلين" لوقت طويل، يقوم الديمو بتغيير الشخصية الافتراضية والانتقال الى شخصية بديلة (يمكن التبديل بين الشخصيات الافتراضية في أي وقت طالما انك غير مشترك في مهمة داخل اللعبة)، تتم عملية الانتقال بمنتهى السلاسة حيث تتحول الشاشة الى ما يشبه برنامج Google Earth وبعد ذلك مباشرة وجدنا "تريفور" يقف امامنا على شاطئ مهجور لا يرتدي شيئا سوى سروال وزوج من الاحذية، تبدو على وجهة علامات الاجهاد، ومحاط بعدد كبير من جثث سائقي الدراجات النارية من فريق The Lost MC، ما الذي حدث لهم؟ ومن المتسبب في هذه المجزرة؟ لا يوجد اجابة واضحة، ولكن ملابس "تريفور" كانت مغطاة بالدماء بالكامل، مما يوضح لنا الشخص المتسبب في هذه الفوضى.

يغادر "تريفور" المنطقة متجها الي البحر، يمتطي القارب وحيدا وينطلق بسرعة كبيرة عبر المحيط، وهنا ستلاحظ على الفور التقنية الجديدة المستخدمة لإظهار المياه داخل اللعبة، فالمحيط يبدو واقعيا للغاية وتتنوع أمواجه ما بين الأمواج الهادئة والمخيفة التي تتحرك حول واسفل القارب، بعد فترة، يقوم "تريفور" بإيقاف المحرك في عرض البحر (بعض القوارب داخل GTA V مجهزة ببدلة غطس) ويبدأ في ارتداء بدلة الغطس المكتسية باللون الاسود اللامع، بعدها يقف على حافة القارب ثم يقفز مباشرة في أعماق المحيط، هنا ستشاهد بيئة افتراضية مختلفة تماما عن ما يوجد بالأعلى، حيث تبدو أشعة الشمس كسيوف تشق طريقها من خلال سطح المياه، بينما يوجد حطام خاص بسفينة نفط ترقد وحيده في قاع المحيط.


خلال التجول اسفل المياه ستشاهد الكثير من الأسماك التي تسبح منفردة أو في مجموعات، بينما ستصاب بنوبة ذعر عند رؤية اسماك القرش التي تسبح حولك بسرعة رهيبة متسببة في هروب كافة الكائنات البحرية.

في هذه اللحظة، تترك اللعبة "تريفور" لمصيره الغير معلوم، وتنتقل الى الشخصية الثالثة والأخيرة "مايكل" الذي كان على وشك مغادرة فندق Von Crastenburg، متوجها الى شارع Vinewood Boulevard، وهنا تتباهى "روكستار" بالتفاصيل الغير محدودة التي تذهب لأبعد الحدود، أكثر مما يتخيل أي شخص.

تنتقل GTA V للإعدادات الليلة في مدينة Vinewood، حيث الموسيقى الصاخبة والكازينوهات الممتدة على طول الخط والتي تحتضن نجوم "هوليوود"، والسيارات الفارهة، بينما ستجد عند التقاطع نجمة سابقة تدعى "باميلا دريك" تقف وحيدة وتروي قصتها لأي شخص على استعداد للاستماع، وكيف تحولت من نجمة مشهورة الى انسانه بائسة فقدت اصدقائها وأموالها وابتعدت شيئا فشيئا عن الاضواء الى أن تم نسيانها تماما.

ولوصف الأمر بطريقة أبسط، يمكن أن نعتبر مدينة Vinewood في الليل عالم موازي لمدينة "لوس انجلوس" في لعبة LA Noire مع اختلاف الحقبة الزمنية بالطبع، فالمدينة صاخبة طوال الوقت ولكن مع تفاصيل أكثر تنوعا ودقة، هناك الكثير من البشر، من يبحث عن المال، ومن يبحث عن الحب، ومن يحاول نسيان ماضيه بشتى الطرق، كلهم يتجمعون تحت سقف المدينة التي لا ترحم، في انتظار ما تحمله الايام من مفاجآت.

تمر حافلة سياحية صغيرة من أمام "مايكل" ( قيل لنا أن مايكل بإمكانه القيام بجولة سياحية في المدينة مثل مشاهير هوليوود، مع انتقاد اللعبة لحياة المشاهير المقيمين في المنطقة وطباعهم المستفزة بدون هوادة) بعدها يدخل "مايكل" متجر يعمل على رسم الوشوم (يمكن للاعبين رسم الوشوم في أي وقت) وهنا ستلاحظ عودة الصورة الرمزية مرة أخرى للعبة، وإمكانية تغير الملابس، ومن الواضح أن تغيير قصة الشعر متوفرة ايضا مثلما حدث في GTA San Andreas.



بعد ذلك يخرج "مايكل" للشارع مرة أخرى ليلتقي بمجموعة من المراهقين الذين يرتدون ملابس تنكرية، ثم يهرب بعيدا عن أعين المارة ويقوم بتغيير ملابسه ليرتدي ملابس حراس الغابات، وبعدها يخرج هاتفه من جيبه، وهو مشابه جدا للهاتف الذي تواجد مع "نيكو بيلك" في GTA IV، باختلاف التصميم والقدرة على تصفح شبكة الانترنت والدخول الى المميزات الاجتماعية التي سيوفرها العنوان.

وما يدل حقا على ضخامة اللعبة، وعمق احداثها، هو أننا شاهدنا الشخصيات الافتراضية الثلاثة تتجول فقط في البيئة الشاسعة دون التدخل في أي حدث، ولم نرى بعد مهمات سرقة البنوك أو قيادة الطائرات الحربية، لكن رغم ذلك، تمتاز GTA V بعالمها النابض بالحياة، والعناصر الغير محدودة والتفاصيل الدقيقة، والشخصيات الافتراضية التي تتفاعل مع البيئة من حولك، باختصار، يمكن اعتبار اللعبة عالم ساحر على وشك الانفجار، في انتظار تدخلك في أي لحظة.

لم نرى مجموعة من الفراشات تحوم حول الأزهار في باحة المنزل الخلفي لـ"مايكل" او "تريفور"، وذلك لأن "روكستار" لم تهتم بهذه التفاصيل التي لن يلاحظها احد في الأساس، ولكن بدلا من ذلك، قامت الشركة ببناء الطبقات فوق بعضها البعض، وتطوير اللعبة لتصل الى مرحلة جديدة تماما مع المحافظة على جودة المنتج وعدم التخلي عن الأساسيات التي لطالما عرفت بها سلسلة GTA.


الموسيقي التصويرية في لعبة GTA V تظهر بصوت خافت خلال مغادرة الشخصية الرئيسية للسيارة، أو خلال اللحظات الدراماتيكية، بينما تعود محطات الراديو في أزهى صورها بشكل أكثر تنوعا وشمولا.

ميزة تعديل السيارات وإضافة لمستك الخاصة عليها تعود من جديد في GTA V بعد أن ظهرت للمرة الأخيرة في GTA San Andreas، حيث أصبح بإمكان اللاعبين الآن تغيير لون السيارة، وتعديل الإطارات والفلاتر وتغيير هيكلها الأساسي، كما يمكن تحسين قوة السيارة وخصائصها من خلال تغيير المحرك أو القطع الأخرى.

اسلوب اللعب اثناء تبادل إطلاق النار تغيير بشكل ملحوظ، ولكنه لم يتخطى المميزات التي قدمتها لعبة Max Payne 3، حيث أصبح لدى المستخدمين القدرة على إطلاق النار بفاعلية اثناء الاختباء خلف ساتر، بينما تظهر علامة صغيرة فوق رؤوس اعدائك تتغير من اللون الأبيض الى الأحمر في حالة إصابة خصمك، هناك ايضا العديد من حركات المراوغة الجديدة، مع امكانية إطلاق الرصاص اثناء الركض.

ولتوضيح الأمر مرة أخيرة، من الوهلة الأولى التي سترى فيها اللعبة ستعلم على الفور أنها ليست مجرد نسخة محسنة أو ضخمة من الإصدارة الماضية، بل هي لعبة مستقلة تماما تم تطويرها من البداية للنهاية، وبالنظر الى حجمها الشاسع، والتفاصيل الغير محدودة، فمن المؤكد أن العنوان ظل لسنوات طويلة قيد التطوير الى أن وصل لهذه الحالة المدهشة.

وفي النهاية لا يمكنني القول سوى أن لعبة GTA V تقف في تناقض صارخ مع صناعة تركز بشكل متزايد على التجارب التي تصدر مرة واحدة كل 12 شهر، ولهذا انا ممتن للغاية لما ستقدمه اللعبة.