المعالجة اللبية للالتهاب ما حول السني الذروي :3- حشو الأقنية الجذرية اعتبر حشو الأقنية الجذرية العامل المحدد لنجاح أو فشل المعالجة اللبية منذ زمن بعيد و مازال هذا المبدأ مستمرا حتى يومنا هذا على الرغم من غياب أحداث علمية تصادق على ذلك . ففي الوقت الحالي ازدادت أهمية كثافة الحشوة و المادة المستخدمة في الحشو و تقنية الحشو اتصل لحد الأهمية الحقيقية لحشو القناة . ولما كان سد القناة الجذرية جزءا ضروريا من المعالجة اللبية و يجب إنجازه على مستوى عال فانه يعتبر العامل الأكثر أهمية و الذي يجب الحرص على تحقيقه بشكل تقليدي في كل الأقنية المعالجة. ولقد أجريت العديد من الأبحاث حول التسرب الذروي بمشاركة العديد من المواد و التقنيات المستخدمة في حشو الأقنية وقد شكك القليل منها في علاقة ما سبق مع التسرب الذروي. |
|
وقبل أن نتوجه إلى المقولات الشائعة حول دور حشو الأقنية فانه من المفيد
الاطلاع على ما كتب في التاريخ الطبي حول حشو الأقنية و التسرب الذروي.
إن القضية التي تثير التساؤل هو الخير الكبير الذي تشغله أهمية حشو
الأقنية كعامل لنجاح أو فشل المعالجة اللبية . فقد بينت الدراسة التي
أجراها WASHINGTON أن 60% من حالات الفشل كان سببها حشو الأقنية بشكل غير
تام . ولقد درس المؤلفون مجموعة من الصور الشعاعية المأخوذة لأسنان تمت
معالجتها من قبل طلاب ما زالوا في المرحلة الجامعية الأولى فلاحظوا أن
العديد من الحالات الفاشلة قد ترافقت مع حشوة قناة سيئة مما دفعهم للقول
بان حشو الأقنية السيء يحقق فشلا في المعالجة اللبية و بالرغم من أنهم قد
أجروا تحليلهم في فترة سبقت ظهور التقنيات المضادة للجراثيم اللاهوائية
والموقفة لتكاثر الجراثيم . وقد تابع WASHINGTON الدراسة ليؤكد أن حدوث فشل
المعالجة اللبية ناتج عن حشو سئ للأقنية الجذرية.
كما تمت دراسة ثانية اختبرت فيها أسنان مقلوعة وقد تمّ إجراء حشو قنيوي جيد
لبعضها و حشو قنيوي سئ لبعضها الآخر بعدئذ تمّ اختبار التسرب الذروي
بامرار نظائر مشعة،ولم تكن النتيجة مدهشة ، فالأفنية ذات الحشو الجيد لم
تسمح بمرور النظائر المشعة من الذروة إلى القناة و حصل العكس في الأقنية
غير المحشوة وفي الأقنية ذات الحشو السئ و بالتالي تمّ توضيح العلاقة بين
الأسنان ذات الحشو السئ و فشل المعالجة اللبية . وأجريت محاولة لشرح ذلك
عن طريق نظرية الارتشاح حيث يمكن القول أن المواد ترشح عبر الثقبة الذروية
إلى داخل الأقنية ذات الحشو السئ و هناك تركد هذه المواد ثم تعود لترشح
خارجة من القناة إلى المنطقة حول الذروية و مسببة التهابها .
إن هذا الجريان يعتبر خطيرا لإحداثه الفشل و لكن ما يجب أخذه بالحسبان هو
الدور الحاسم الذي تلعبه الجراثيم في الآلية الامراضية للالتهاب حول
الذروي . ولكي تكون نظرية الارتشاح مقبولة فالمطلوب هو تقديم البرهان الذي
يبين أن الأقنية الفارغة و إن كانت معقمة يمكن إن تسبب التهابا . وهذا
محقق بسبب إمكانية وصول المواد الراشحة إلى داخل الأقنية الفارغة ومن ثم
خروجها ثانية محدثة الالتهاب حول الذروي وهذا ما تم إثباته تجريبيا. ومع
ذلك فانه من غير الممكن تأكيد هذه الفرضية من خلال هذه الأحداث وفي
الحقيقة فان تيار المعرفة الحالي غالبا هو ضد نظرية الارتشاح.
وقد تمّ البرهان على أن وجود نسج متموتة عقيمة في أقنية جذرية غير معالجة
لا يحرض على إحداث التهاب حتى الأسنان ذات الآفات الذروية والتي عولجت
أقنيتها بشكل مضاد للانتان ولم يتم حشوها.
والتفسير المنطقي لفشل المعالجة اللبية الذي لاحظه WASHINGTON لم يكن عائدا
للحشو السئ الذي لاحظه في الصور الشعاعية للأسنان المدروسة و لكنه عائد
للسيطرة الضعيفة على انتان القناة الجذرية أثناء المعالجة.
و كنتيجة لنظرية الارتشاح تمّ توجيه الاهتمام الأكبر إلى دور التسرب الذروي
و إعطاء الدور الأفل لحشوة القناة التي يكمن دورها الحقيقي في حجز و منع
انتقال الانتان إلى النسج حول الذروية .
أما الآن و بسبب فهم التيارات الحيوية أمكن التأكيد على دور الحشو الجيد و التام للأقنية الجذرية بثلاث نقاط:
1. قطع أي اتصال بين الحفرة الفموية و النسج حول الذروية.
فالجراثيم يمكن أن تدخل عبر فتحات في الجزء الذروي من السن
كالتسرب المجهري الحاصل حول الحشوات . كما أن حشوة القناة تمنع تكرار
الإصابة بالانتان لحجزها الجراثيم عن الأقنية الجذرية أو النسج حول
الذروية.
2. القضاء على أي جراثيم قد تمكنت من النجاة أثناء عمليات التنظيف و التشكيل إذ أن حشوة القناة الكتيمة يمكن أن تؤدي لموت هذه الجراثيم أو منعها من إيجاد مخرج للوصول إلى النسج حول الجذرية.
3. إيقاف تدفق السائل النسيجي من النسج حول الذروية لتصل إلى الجراثيم ضمن القناة الجذرية معززة بقاءها على قيد الحياة . فهذا
السائل يعتبر مصدرا للتغذية ومن الممكن أن تقوم حشوة القناة الكثيفة بمنع
تدفق الغذاء إلى الجراثيم و بالتالي منعها من التكاثر و تحت هذه الظروف
تموت الجراثيم .
لذا كان من الضروري أن تتمتع مادة حشو الأقنية بخواص مضادة للجراثيم و ذلك
بالإضافة إلى التأثير المعاكس و المضاد للجراثيم مع أهمية دور السموم
الخلوية المنتجة من قبل النسج المضيفة التي تمتلك القدرة على إحداث شفاء
حول ذروي بعد العمل الجراحي. ومع ذلك فان المعالجة اللبية يجب أن تقوم
بالقضاء على الجراثيم في سياق معالجة الأقنية الجذرية المصابة بالانتان
قبل الحشو .
الإنذار : على الرغم من وجود العديد من المواد المطروحة لحشو الأقنية ولكن معظم تقنيات الحشو ما تزال معتمدة على استخدام الكوتابيركا .
طرق حشو الأقنية بمادة الكوتابيركا:
1. تقنية التكثيف الجانبي و تعتبر من أكثر الطرق شيوعا حيث يوضع قمع مفرد
أو عدة أقماع بشكل متجانب ويتم إلصاقها معا بواسطة الإسمنت المستخدم.
2. تطبيق أقماع الكوتابيركا الملينة كيميائيا بالكلوروفورم .
3. طريقة التكثيف العمودي أو الحراري التي تعتمد على إحماء الكوتابيركا باستخدام أدوات محماة ثم تكثيفها باستخدام البلاغارات .
4. الدمج الحراري الميكانيكي لأقماع الكوتابيركا المحماة عن طريق الاحتكاك بأداة مدمجة دوارة.
5. حقن الكوتابيركا الملينة حراريا ضمن القناة الجذرية.
إن لكل تقنية خواصها التي تميزها عن غيرها من التقنيات و تعتبر نقاط الاختلاف بين هذه التقنيات خواصا مميزة.
إن علاقة مستوى حشوة القناة بالثقبة الذروية ذات تأثير هام على مستقبل المعالجة المجراة لسن مصاب بالتهاب حول سني ذروي.
وقد بينت الدراسات المتتالية المجراة على فترة طويلة من الزمن أن الأسنان
غير الحية و المصابة بآفات ذروية و المحضرة والتي تمّ حشوها على بعد
(0-2)ملم من الذروة قد وصلت نسبة نجاح المعالجة فيها إلى 94% في حين أن
الأسنان التي تمّ حشوها على بعد(>2)ملم من الذروة كانت نسبة نجاح
معالجتها 68% وان انخفاض النسبة يمكن أن يكون ناجما عن عدم تنظيف و تشكيل
الثلث الذروي من القناة أو عن إزالة العاج المصاب بالانتان و بالتالي
استمرار بقاء العوامل الممرضة على الانتان الذروي.
إن إنذار المعالجة أيضا يتعلق بالحشو الزائد ، فالأسنان غير الحية ذات
الآفات الذروية وقد تمّ حشوها بشكل ذائد انخفضت فيها نسبة النجاح إلى76%
بالمقارنة مع نسبة النجاح 94% للأسنان و التي تمّ حشوها حتى الذروة تماما .
وقد أكدت الدراسات التالية أن وجود حشوة قناة زائدة يؤثر سلبيا في شفاء
الآفات الذروية.
وبالرغم من عدم معرفتنا الواضحة كأسباب ذلك فان العديد من الأحداث يمكن أن
تؤدي منفصلة أو مجتمعة لمنع إتمام عملية الشفاء. وهذه تتضمن مجموعة من
إجراءات تحضير الأقنية التي يمكن أن تؤدي إلى حشو زائد مثل:1. تخريب
الثقبة الذروية و إيذاء النسج حول الذروية نتيجة للتحضير الزائد .
2. خروج البقايا الموجودة ضمن القناة و المكونة من الجراثيم و البقايا
اللبية المتموتة و البرادة العاجية المصابة بالانتان إلى المنطقة حول
الذروية .
3. إن وجود مادة حشو متجاوزة للثقبة الذروية في النسج حول الذروية يمكن أن يقوم مقام جسم أجنبي.
إن الفعل الحيوي لحشوة القناة في المنطقة حول الذروية ذو أهمية سريرية و
غالبا ما تختفي الكميات القليلة المتجاوزة للقناة من مادة الحشو تدريجيا
بعد فترة من الزمن و التي يتلوها شفاء عظمي. ويعتبر نوع مادة الحشو
المتجاوزة أمرا مهما لأن ارتشاف الإسمنت المتجاوز يحدث بشكل أسرع مما لو
تمّ تجاوز الكوتابيركا . إن المعلومات التي حصلنا عليها من الدراسات حول
معدل نجاح الأسنان ذات الحشو الزائد أو الناقص و النتائج السريرية
لمعالجات كهذه قد أشارت إلى إمكانية إعاقة عملية الترميم النسيجي و
التشكيل العظمي و هذا ناجم عن تفاعل الجسم الأجنبي الذي هو مادة الحشو
الزائدة مع النسج حول الذروية كذلك فان التخريش الناجم عن التحضير الزائد و
خروج البقايا عبر الثقبة الذروية إلى النسج حول الذروية يعتبران من
العوامل المسببة أيضا.لذلك من المهم بالنسبة للممارس أن يوجه عنايته و
التأكيد على إنجاز كل مرحلة من مراحل المعالجة ضمن المواصفات المطلوبة
سريريا. و تتضمن هذه المواصفات إجراء المعالجة في ظروف جيدة من العقامة و
تقدير الطول الصحيح للقناة و تحضير مضبوط للقناة و تجنب التحضير الزائد
للذروة والتأكيد على التحضير بمبارد دقيقة و الغسل المتكرر لإنقاص احتمال
خروج البقايا والانتباه أثناء الحشو لتقليل احتمال الحشو الزائد .
إن هذه المراحل بسيطة و لكنها و في الوقت نفسه تعتبر مهمة و يمكن أن تزيد من فرص نجاح المعالجة اللبية .
إن استجابة النسج حول الذروية للمعالجة اللبية يجب أن يتم فيها فصل
استجابة النسج تجاه عملية التنظيف عن استجابتها لحشوة القناة . إن
الاستجابة الطبيعية لهذه النسج بعد إزالة الجراثيم من القناة هي البدء
بعملية الترميم عن طريق عزل العناصر الغريبة و إعادة الترميم بفضل النسيج
الحبيبي ثم الشفاء بتشكيل عظم جديد إن حشوة القناة لا تقوم وحدها بالتأكيد
أو بدعم عملية الشفاء و إنما تلعب دورا حياديا حيث تسمح بشفاء النسج حول
الذروية و غالبا ما تؤدي إلى تأخير عملية التجديد .
إن الاستجابة الحيوية تجاه الكوتابيركا و الإسمنت الحشاشي قد درست مخبريا
بتقنية المستنبت الخلوي و درست حيويا عن طريق اختبارات الزرع على
الحيوانات و اختبارات الاستخدام. و بالرغم من أن طريقة المستنبتات الخلوية
تعطي بعض المعلومات القيمة حول استجابة نوع معين من الخلايا تجاه المادة
المختبرة فإنها لا تزودنا بالصورة الكاملة حول رد فعل النسج الأخرى تجاه
هذه المواد في الأوساط الحيوية .
أكدت الدراسات المجراة على المستنبتات الخلوية أن كل اسمنتات حشو الأقنية
سامة و لكن بدرجات متفاوتة و الاختبارات الحيوية المعتمدة على الزرع لدى
الحيوانات قد زودتنا بمعلومات مهمة سريريا حول استجابة النسج على المدى
الطويل تجاه هذه المواد.
و قد أظهرت الدراسات أيضا أن معظم الاسمنتات المزروعة عند الحيوانات قد
سببت استجابة بدئية شديدة في النسج التي تقع بتماسها مباشرة. فاسمنتات
أكسيد الزنك و بشكل خاص المواد التي يدخلها بشكل أساسي أكسيد الزنك و
الكلوروفورم يمكن أن تسبب تخريشا لأنها غالبا ما تتفكك إلى مركبات أو
جزيئات محدثة استجابة التهابية بفضل الجزيئات المنتشرة منها. وقد تمّ
التأكيد على ذلك بالاختبارات المجراة على القردة حيث لوحظ حدوث التهاب
ذروي بسبب جزيئات منتشرة من إسمنت حشو الأقنية.
لقد بينت الدراسات المجراة على المستنبتات الخلوية السمية المرتفعة
للكوتابيركا وقد نسبت هذه إلى اندخال شوارد الزنك في الوسط المحيط ومع ذلك
فقد أظهرت تجارب الزرع المجراة على الحيوانات الصورة بشكل أكثر توازنا
حيث تبين أنه عندما تكون الكوتابيركا بشكل صلب فإنها متحمّلة من قبل النسج
و تساعد على تشكيل الكولاجين بدون إحداث أي التهاب أو إحداثه بشكل طفيف
يمكن إهمال ذكره في النسج المحيطة.
لا تزال الآلية التي تؤدي إلى زوال أجزاء الحشوة المندخلة في النسج حول
الذروية غير مفهومة تماما و لكن من الممكن أن يتم ذلك بفضل البلعمة التي
تقوم بها البالعات الكبيرة و الخلايا متعددة النوى.
و تكون البالعات الكبيرة هي الأسرع ومع ذلك فان انحلال أجزاء الكوتابيركا
ضروري من أجل تفعيل البالعات وحيدة النواة على إزالتها و لكن حجم هذه
الأجزاء من الكوتابيركا يؤثر في عملية الشفاء.
لقد أظهرت التجارب على خنزير غينيا أن الأجزاء الكبيرة من الكوتابيركا تتم
أحاطتها بمحفظة كولاجينية ضامة في حين أن الأجزاء الصغيرة تحرض استجابة
البالعات الكبيرة و الخلايا متعددة النوى الضخمة كأي جسم أجنبي آخر. وان
وجود مثل هذه الخلايا يعيق شفاء المنطقة ما حول الذروية و ذلك لأن
البالعات الكبيرة المفعلة تقوم بإطلاق وسائط داخل خلوية و العديد من
السيتوكينات و عوامل النمو التي تساهم في عملية الامتصاص العظمي.
وتستمر هذه العملية طيلة وجود جزيئات من الكوتابيركا في المنطقة حول
الذروية وهذا ما دعا للقول بأن الشفاء العظمي يتأخر في حال وجود مادة حشو
متجاوزة للثقبة الذروية.
وقد أكدت الدراسات التالية أن نسبة نجاح المعالجة اللبية تزداد عندما تكمن
الحشوة ضمن حدود القناة لذلك فان الإجراءات العلاجية التي تقلل حدوث حشو
زائد كتحضير القناة بشكل مستدق مع جعل تحضير الثقبة الذروية بالحد الأدنى
يقلل إمكانية اندفاع مواد الحشو القنيوي إلى المنطقة حول الذروية.