أنسجة ما حول الأسنان .. أمراضها وعلاجها

يعتقد الكثير من الناس أن الهدف الرئيسي من استخدام الفرشاة والمعجون هو
الوقاية من تسوس الأسنان، مما يجعلهم يستخدمون أخشن الفرش وينحتون أسنانهم،
وذلك من باب الخطأ كون هدفهم يكمن في إبقاء أسطح الأسنان نظيفة.

وهم بذلك يتجاهلون أنسجة مهمة من أنسجة الفم ألا وهي الأنسجة المحيطة
بالأسنان أو ما يسمى باللثة. وآخرون لا يهتمون بنظافة أفواههم للحد الذي
يؤدي إلى فقدانهم لكثير من أسنانهم.

إن هذا الإهمال قد يؤدي إلى أمراض مختلفة في اللثة مثل تآكل وانحسار اللثة
أو التهابات اللثة التي قد تؤدي في نهاية المطاف إلى عواقب وخيمة لا يمكن
إصلاحها سوى بالخلع، فقط تفاديا للآلام المصاحبة، وأمراض اللثة من أكثر
الأمراض المهملة من قبل الناس، ولا نعرف عنها الكثير.

والسبب الرئيسي يعود إلى كونها أمراضا مزمنة، وغير مؤلمة في معظم الأحيان،
ولا يعيرها الناس أي اهتمام، وغالبا لا تمثل لهم سببا وجيها لزيارة طبيب
الأسنان، وسنسلط الضوء اليوم على أهم تلك الأمراض وكيفية الوقاية منها.

التهابات اللثة تمثل أهم وأكثر أمراض اللثة وأنسجة ما حول السن شيوعا، إنها
مجموعة التهابات تؤثر على الأنسجة المحيطة بالأسنان، التي تتكون من اللثة
والعظم والرباط الداعم للأسنان، وتعتبر السبب الرئيسي لسقوط الأسنان، تظهر
أمراض اللثة في أي عمر كان، خصوصا في الكبار، فحسب إحصائيات علمية فإن أكثر
من نصف الناس يصابون بالتهاب في اللثة في نحو سن العشرين، وأكثر من ثلاثة
أرباع الناس يصابون بالتهاب فيها بعد عمر 35 سنة، وهذا يدل على زيادة شيوع
هذه الأمراض في الكبار، وهو ناتج عن إهمال نظافة الفم، مما يؤدي إلى تراكم
الجير والكلس على الأسنان.

أسباب التهابات اللثة
إن الجير هو السبب الرئيسي لمعظم أمراض اللثة، ويتكون من طبقة جرثومية تمثل
ترسبات لاصقة ولزجة بيضاء مصفرة اللون ناتجة عن امتزاج الجراثيم باللعاب
وبقايا الطعام والسوائل التي تترسب وتتجمع على أسطح الأسنان، خصوصا في
الجيوب المحيطة بالأسنان.

كما أن هناك أسبابا أخرى مثل بعض الأمراض المزمنة، كمرض السكري ومرض هشاشة
العظام، وكذلك التدخين وبعض الأدوية المستخدمة في علاج الصرع، كما أن سوء
التغذية يلعب دورا مهما في زيادة الإصابة بالتهابات اللثة مثل نقص فيتامين
«سي» الذي يندر حدوثه، إلا في المجاعات.

وتصبح اللثة حساسة جدا خلال فترة الحمل، ووجود أي جير قد يسبب التهابات
لثوية حادة ومزمنة قد تصل إلى مراحل متقدمة عند بعض الحوامل، وكذلك فإن
تزاحم الأسنان وعدم تطابقها من الأسباب التي تزيد من فرص تراكم الجير
وبالتالي الإصابة بالتهابات اللثة.

علامات أمراض اللثة
إن أهم علامات الإصابة بالتهابات اللثة تتلخص في: نزف اللثة في أثناء
التفريش واحمرارها وتورمها، تكون جيوب عميقة حول الأسنان، انبعاث روائح
كريهة من الفم، حركة الأسنان وتخلخلها مما يؤدي إلى تباعد الأسنان أحيانا،
وأحيانا يشعر المريض ببعض الألم، وفي الحالات المتقدمة قد تنتفخ اللثة بسبب
وجود خُرّاج وصديد، فإذا شعر الإنسان بإحدى هذه العلامات فعليه ألا يتهاون
في زيارة طبيب الأسنان، خصوصا طبيب أمراض اللثة، وذلك قبل فوات الأوان،
لأن المعهود من المريض أنه يغض النظر عن معظم هذه العلامات لا يزور طبيب
الأسنان إلا عند شعوره بآلام مبرحة.

مراحل التهابات اللثة
اللثة الطبيعية عادة تكون وردية اللون وسميكة وغير منتفخة، وعند وجود أي
التهاب نرى أنها تبدأ في الاحمرار والانتفاخ والنزف، وتختلف هذه الأعراض
بحسب مرحلة الالتهاب المصاحب ونوعه.

وهناك كثير من التصنيفات لأمراض اللثة والأنسجة المحيطة مثل تصنيف الجمعية
الأميركية لعلم اللثة والأنسجة المحيطة بالأسنان (American Academy of
Periodontology-1999)، ولكن يمكن صياغة هذه الأنواع بشكل بسيط كالآتي: تبدأ
التهابات اللثة عادة على شكل التهاب لثوي سطحي (التهاب اللثة البسيط) بسبب
تراكم الجير والكلس المليئين بالبكتيريا على أسطح الأسنان، خصوصا القريبة
من اللثة في الجيوب اللثوية المحيطة بالأسنان.

وأهم ما يميز هذا النوع البسيط تورم واحمرار اللثة والنزف الزائد، خصوصا
عند التفريش، ويمكن التخلص من هذا النوع بسهولة جدا، وذلك عن طريق زيارة
طبيب الأسنان لكحت الجير والكلس اللذين لا يمكن إزالتهما إلا عن طريق طبيب
الأسنان، وتفريش الأسنان بالطريقة الصحيحة، واستعمال معجون أسنان أو غسول
للفم قد يساعد على الحد من النزف في الحالات البسيطة جدا.

وفي حالة عدم علاج هذه الالتهابات قد تتطور إلى تآكل الأنسجة الداعمة
تدريجيا، وانفصال اللثة عن أسطح الأسنان، وظهور جيوب عميقة مليئة بالجير
والكلس، وهذا النوع من الالتهاب يسمى «التهاب سمحاق السنخ».

وقد يمتد هذا الالتهاب في الحالات المتقدمة إلى تآكل معظم العظم والأنسجة
الرابطة، وانحسار شديد في اللثة، وكشف جذور الأسنان، مما يؤدي في النهاية
إلى حركة الأسنان وتخلخلها، ومن ثم سقوطها، وقد يصاحب هذا النوع تكون
خُرّاج وصديد ذي رائحة نتنة، وهذا النوع يسمى «التهاب سمحاق السنخ
المتقدم».

الوقاية والعلاج
إن إزالة الجير والحفاظ على نظافة الفم تعتبر من أهم خطوات الحفاظ على
اللثة والأنسجة المحيطة بالأسنان في أحسن حال، ولكن يجب أن نعلم أن استخدام
الفرشاة والمعجون لا يغنيان عن زيارة طبيب الأسنان، لأن الجير والكلس بعد
تراكمهما على أسطح الأسنان لا يمكن إزالتهما إلا عن طريق عملية الكحت التي
لا يمكن عملها إلا في عيادة الأسنان. إن زيارة طبيب اللثة يجب أن تكون بشكل
دوري كل ستة شهور.

ويجب الحرص على زيارة طبيب لثة وليس منظف أسنان (Hygienist)، لأن علاج اللثة يتضمن علاجات مختلفة أخرى غير إزالة الجير.

وطبيب اللثة بدوره يقوم بتحويلك إلى منظفة الأسنان إذا قرر لك التنظيف
كعلاج. وتأكد بأن يقوم من ينظف لك أسنانك بتلميعها بعد التنظيف، لأن عدم
التلميع قد يترك أسطح الأسنان خشنة، مما يجعلها عرضة لتراكم الأوساخ والجير
بسرعة أكثر.
كذلك يجب الانتباه إلى أهمية استخدام الطريقة الصحيحة للتفريش، التي يحددها لك طبيب الأسنان حسب عمرك وحسب حال لثتك.

كذلك يجب استخدام معجون مناسب معترف به من قبل الجمعية الأميركية لطب
الأسنان، كما أنك يجب أن تتعلم الطريقة الصحيحة لاستخدام الخيط السِّني
وأعواد الأسنان بالطريقة الصحيحة، التي لا غنى عنها لضمان نظافة الأسطح
البينية للأسنان.
كما تشمل علاجات اللثة بعض العمليات الجراحية، وأحيانا تقويم الأسنان، فلا تستصعب الموضوع إن اقترح عليك طبيبك مثل تلك العلاجات.

انحسار اللثة وعلاقته بتفريش الأسنان
إن تفريش الأسنان بطريقة خاطئة وعنيفة، وذلك باستخدام طريقة النحت أو
استخدام فرشاة أسنان ذات شعيرات خشنة، قد يضعف طبقة السن الخارجية واللثة
المحيطة بالأسنان، خصوصا في منطقة الضروس والأنياب، وهذا يؤدي بدوره إلى
تآكل طبقة المينا وانحسار اللثة، مما يجعل طبقة العاج عرضة للمثيرات
الخارجية.
ويعتبر التفريش الخاطئ من أهم أسباب انحسار اللثة وحساسية الأسنان، خصوصا
عند أولئك المهتمين بنظافة أسنانهم والعناية بها ولكن بطريقة خاطئة

أتمنى السلامة للجميع
لروحكم الياسمين