حمو الفم أو تقرحات الفم مشكلة يعاني منها الكثير من
الناس، وعادة ما يكون حمو الفم صغيراً إلا أنه مؤلم، وقد يستمر بالظهور
لبعض الوقت، مما يولد شعوراً متصلاً بعدم الراحة؛ إذ قد يتحول الأكل
والكلام الى تجربة مؤلمة. ويظهر الحمو الفموي لدى العديد من الأشخاص كنتيجة
لإصابة فيروسية، والتي في واقع الأمر تصيب العديد من الأشخاص بدون ظهور أي
أعراض، وقد يعاني آخرون من ظهور بثور مؤلمة تظهر بالقرب من المنطقة التي
دخل الفيروس عن طريقها الى الجسم، وسرعان ما تشفى تماما، لكنها تعود لتظهر
مرة أخرى بعد فترة من الزمن، وذلك لأن الفيروس يبقى متواجداً في عمق جذور
الأعصاب التي تغذي المنطقة المعنية. ومن أكثر الأماكن شيوعاً لظهور هذا
الفيروس حول الفم والشفتين، وغالبا ما يشير الناس إلى هذا الالتهاب
بـ"القروح الباردة" أو "بثور الحمو".
أسباب الحمو الفموي:
وينجم قرح البرد أو الحمو عن فيروس يسمى القوباء البسيط ( Herpes Simplex
(HSV)، كما يوجد نوعان من هذا الفيروس؛ النوع الأول يسبب ما يعرف بالحمو
الفموي، والنوع الثاني مسؤول عادة عن القوباء التناسلية. غير أنه من شأن
كلا الفيروسين أن يسببا قروحا في الوجه أو في المناطق التناسلية. وتنتقل
الإصابة عادة من شخص مصاب بفيروس ناشط. كما تمثّل أدوات الطعام والحلاقة
والمناشف والاحتكاك المباشر ببشرة مصابة وسائل شائعة لنقل الإصابة.
أنواع قروح الحمو الفموية:
1. القوباء الشفوي الأولي: ويشير إلى الإصابة الأولية، وفي كثير من الأحيان
تصاحبه قروح مؤلمة على الشفتين واللثة والفم، ولكن في بعض الأحيان، قد
يصيب الفيروس الشخص بدون ظهور أي أعراض، وعند بعض الأشخاص، قد يرتبط بحمى
وتورم للغدد الليمفاوية، ونزيف اللثة، مع قرحة مؤلمة حول الفم واللثة. قد
تستمر هذه العلامات والأعراض عدة أيام، ويجد المصاب صعوبة في الأكل والشرب،
مما قد يؤدي إلى الجفاف خصوصاً عند الأطفال.
وتستغرق عملية الشفاء عادة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، ولكن آلام الجلد يمكن
أن تستمر لمدة ستة أسابيع. ويمكن أن يعود الفيروس عن طريق اللعاب لعدة
أيام بعد شفاء القروح.
2. القوباء الشفوي المتكرر: يبدأ كبقع حمراء ملتهبة، تنتفخ وتصبح على شكل
فقاعات مملوءة بسائل، ثم تنكمش هذه الفقاعة وتجف وتشكل ما يسمى بالقروح
الباردة خلال يومين أو ثلاثة أيام. وعادة ما يستغرق اختفاء القروح من سبعة
إلى عشرة أيام.
ما الذي يجعل القوباء (الحمو الفموي) تتكرر؟
بعد الإصابة، يدخل الفيروس الى الخلايا العصبية، ويتنقل في العصب حتى يصل
إلى مكان يسمى العقدة؛ وهناك، فإنه يبقى في حالة هدوء في مرحلة يشار إليها
على أنها "نائمة" أو "كامنة". في بعض الأحيان، يمكن للفيروس أن يصبح نشطا
ويبدأ مرة أخرى بالانتقال إلى أسفل العصب في الجلد، مما يسبب التقرحات
والبثور. الآلية الدقيقة وراء هذه الحالة ليست واضحة تماماً، ولكن من
المعروف أن بعض الأمراض أو الأوضاع قد تترافق مع تكرار ظهور القرحة
الفموية؛ بما في ذلك:
- الحمى والبرد، أو الانفلونزا.
- الأشعة فوق البنفسجية (التعرض لأشعة الشمس).
- الإجهاد.
- تغيرات في الجهاز المناعي.
- التعرض إلى كدمات أو ضربات في المنطقة المعنية.
- في بعض الأحيان لا يوجد سبب واضح للتكرار.
كيفية انتشار الحمو الفموي؟
الالتهابات التي يسببها فيروس القوباء معدية. وينتقل الفيروس من شخص إلى
آخر عن طريق ملامسة الجلد وحتى لعاب المصاب أيضاً يعد وسيلة شائعة لانتقال
الفيروس.
أشد حالات العدوى تحدث عندما يكون الفيروس في حالة نشاط (في بداية ظهور
البثور التي تكون طرية ومنتفخة)، وبمجرد تقشر البثور وانكماشها (يحدث ذلك
في غضون بضعة أيام)، فإن مخاطر العدوى تقل بشكل كبير؛ ومع ذلك، يمكن للشخص
المصاب أن ينقله إلى شخص آخر بغض النظر عن وجود الأعراض أو القروح أو
البثور؛ هذا لأنه في بعض الأحيان يتم إلقاء الفيروس في اللعاب حتى عندما لا
تكون القروح موجودة.
علامات وأعراض الحمو الفموي:
السمة المميزة للقروح الباردة هي بظهور مجموعة من البثور المحمرة، هذه
البثور تجف بسرعة وتترك القشرة في أي مكان آخر من بضعة أيام إلى بضعة
أسابيع، اعتمادا على شدة العدوى.
تكون القروح جافة ويابسة، وقد تسبب الحكة في بعض الأحيان. قد يعاني بعض
المرضى مما يسمى "بادرة الإصابة"، وهو عندما تحدث بعض الأعراض قبل الظهور
الفعلي للقروح، وبادرة الإصابة تشمل عادة الشعور بحرقان أو وخز في المنطقة
نفسها التي تسبق ظهور البثور قبل بضع ساعات أو يوم أو يومين من ظهور
القروح.
المضاعفات المحتملة للقروح:
يمكن أن ينتشر الفيروس من منطقة إلى أخرى في الشخص نفسه، وهو ما يسمى
"التلقيح الذاتي". على سبيل المثال؛ يمكن أن يسبب لمس القرحة الباردة على
الشفتين انتقاله الى الإصبع. يحدث التلقيح الذاتي عند الإصابة الأولية في
العادة؛ وذلك لأن نظام المناعة لا يكون مكوناً للأجسام المضادة بعد.
الأمراض التي يمكن الخلط بينها وبين قروح الحمو الفموية:
هناك العديد من الأمراض التي يمكن الخلط بينها وبين القروح الباردة؛ بما في
ذلك الكدمات والحروق، والبثور، والتهاب الفم الزاوي والقرحة القلاعية:
- التهاب الفم الزاوي:
ويشير إلى التهاب وتشقق أو تهيج في زوايا الفم. وفي المقابل، القروح
الباردة عادة ما تظهر على طرف الشفة العليا أو الدنيا، وليس في الزوايا.
التهاب الفم الزاوي قد يكون مؤشرا على فقر الدم أو بعض الفيتامينات، ويمكن
أن يحدث أيضا عند الأشخاص الذين يرتدون أطقم الأسنان.
- القرحة القلاعية:
هي التقرحات التي تحدث داخل الفم على طول الغشاء المخاطي، تتواجد على
الخدين الداخليين والشفة السفلى واللسان والحنك، وتكون صغيرة، مستديرة،
ومؤلمة. ذات لون رمادي مع حافة متميزة. القرحة القلاعية غير معدية وسببها
الإجهاد أو التعرض الى ضربة في تلك المنطقة.
علاج القروح الباردة (العلاجات المنزلية، والأدوية المستخدمة):
تزول القروح عادة من دون علاج، ولكن هناك إجراءات وقائية لمنع انتشار
الفيروس، بالإضافة الى بعض المسكنات والأدوية (الأدوية العلاجية تستخدم فقط
في حالة بادرة الإصابة التي تم ذكرها سابقاً)؛ وتشمل العلاجات:
1. العناية الذاتية: والتدابير التالية تساعد على تخفيف الألم:
- تجنَّب حروق الشمس والإجهاد، يمكن أن يساعد على منع تفشي الإصابة.
- استرح وتناول المسكنات (إن كنت تعاني من الحمى) أو كريمات لتخفيف الانزعاج، علما أنها لا تسرع الشفاء.
- لا تعصر التقرحات والبثور أو تقرصها.
- تجنب تقبيل الآخرين أو الاحتكاك الجلدي معهم طيلة وجود البثور والتقرحات.
- اغسل يديك جيدا قبل ملامسة شخص آخر.
- ضع كمادات باردة ورطبة لتخفيف الألم والحفاظ على التقرحات من الجفاف والتشقق.
2. المستحضرات التي لا تحتاج الى وصفة طبية:
(هذه المستحضرات لا تقلل من مدة الشفاء).
- معظم المنتجات الموضعية تستخدم لإزالة الأعراض أو تخفيفها فقط. استخدام
التخدير الموضعي مثل بنزوكاين الذي يحتوي على (5 % -20 %)، ليدوكائين (%0.5
- 4 %)، سوف يساعد على تخفيف الحرق، والحكة، والألم.
- المرطبات: مثل اللانتوين، الفازلين، بالإضافة الى مستحضر وقاية الشمس
للوجه والشفتين قبل التعرض الطويل لأشعة الشمس، وذلك لأن الشمس تعد من
العوامل المحفزة لظهور التقرحات.
- استخدام المسكنات لتخفيف الألم؛ مثل الاسبرين، ايبوبروفين، أو الباراسيتامول قد يكون مفيدا.
3. الأدوية التي تحتاج إلى وصفة طبية:
- المستحضرات الموضعية: العلاج باستخدام كريم الاسيكلوفير 5 % acyclovir أو
كريم البنسيكلوفير "penciclover"، يساعد على تقليل وقت الشفاء وخفض الألم.
العلاج الموضعي يعد قليل الفعالية لأنه لا يخترق أماكن تكاثر الفيروس،
وبالتالي دوره محصور، وينبغي استخدام كريم الأسيكلوفير خمس مرات يوميا
لمدة أربعة أيام، أما البنسيكلوفير فإنه يستخدم كل ساعتين طوال النهار لمدة
أربعة أيام.
- الأدوية عن طريق الفم: الأدوية المضادة للفيروسات المستخدمة في علاج
فيروس الهربس البسيط في البالغين هي الأسيكلوفير ((acyclovir،
والفالسيكلوفير (valacyclovir) والفامسيكلوفير (famciclovir). وقد تبين أن
استخدام هذه الأدوية عن طريق الفم يقلل من مدة الإصابة، وخصوصا عندما يتم
استخدامها في المرحلة الأولية للإصابة. الآثار الجانبية الأكثر شيوعا لهذه
الأدوية تشمل الصداع والغثيان والإسهال